الكاتب: د. فراس الصفدي - آخر تعديل: 2019-12-14
أهلاً وسهلاً بكم في موقع الدكتور فراس الصفدي. من خلال تعاملي المستمر مع المرضى الذين يعانون من حصوات في المرارة ومتابعة المرضى بعد إجراء العملية فإن البعض منهم يعاني من الألم بعد عملية المرارة بالمنظار وربما من أعراض أخرى مثل الانتفاخ أو الإسهال. يسرني في هذه المقالة أن أحدثكم بالتفصيل عن الأعراض والمشاكل المزمنة التي يمكن أن يعاني منها المرضى بعد عملية المرارة.
في معظم المرضى يتأقلم الجسم مع استئصال المرارة بشكل جيد خلال فترة قصيرة من إجراء العملية، حيث تزول الأعراض ويتابع الإنسان حياته بشكل طبيعي بدون أي مشاكل. ولكن في نسبة قليلة من المرضى لا يحدث التأقلم بشكل كامل، ويعاني المريض من أعراض مختلفة لعدة أشهر وأحياناً سنوات بعد إزالة المرارة. وأبرز هذه الأعراض هي الألم بعد عملية المرارة. وتدعى هذه الحالة بمتلازمة ما بعد استئصال المرارة.
تكمن المشكلة في أن المرارة تعمل كخزان للعصارة الصفراوية، حيث يقوم الكبد بإفراز العصارة الصفراوية وتخزينها في المرارة لدى الإنسان الطبيعي. بعد استئصال المرارة يفقد الجهاز الهضمي هذا الخزان الصغير، وبالتالي تتدفق العصارة الصفراوية من الكبد إلى الأمعاء بشكل مستمر دون أن يكون بالإمكان تخزينها. وتنجم معظم التأثيرات الجانبية المشاهدة ما بعد استئصال المرارة عن هذه المشكلة.
يؤدي ذلك أولاً إلى حدوث تشنج وتخريش في القناة الصفراوية والأمعاء وإلى حدوث الألم والانتفاخ في البطن. إذا تمكنت العصارة الصفراوية من الدخول إلى المعدة فسيؤدي ذلك أيضاً إلى الغثيان والإقياء والألم في أعلى البطن. ونظراً لنقص كمية العصارة الصفراوية المتوفرة أثناء الوجبات فإن ذلك سيؤدي إلى سوء امتصاص الدهون، والنتيجة هي أيضاً حدوث الألم والانتفاخ في البطن مع الإسهال في بعض الأحيان. على الرغم من ذلك فإن بعض المرضى قد يعانون من الإمساك بسبب نقص العصارة الصفراوية والألياف النباتية.
حين تحدث مثل هذه الأعراض في الفترة الأولى بعد العملية فيجب التأكد من أن المريض لا يعاني من مشاكل أو مضاعفات ناتجة عن العملية. يتم ذلك بالتنسيق مع الجراح وقد يستوجب إجراء بعض الفحوص الإضافية. إذا كانت جميع الأمور على ما يرام ينصح المريض بالالتزام بالحمية الصحيحة بعد العملية بشكل جيد، كما يمكن المساعدة بأدوية مختلفة لمعالجة الأعراض التي يعاني منها المريض بإشراف الطبيب. تخف الأعراض مع الوقت في معظم الأحيان وتزول بشكل كامل خلال عدة أشهر.
إذا لم تتحسن الأعراض خلال ثلاثة أشهر بعد العملية فهذا يعني أن المريض يعاني من متلازمة ما بعد استئصال المرارة. يتوجب في هذه الحالات المتابعة عن كثب مع الطبيب لتحديد المعالجات اللازمة للمريض، والتي قد تشمل مستحضرات الإنزيمات الصفراوية والفيتامينات. كما ينبغي الالتزام بالحمية الصحيحة وتناول وجبات صغيرة والإكثار من الماء.
يمكنك العثور أدناه على إجابات مفصلة على معظم الأسئلة التي قد تخطر ببالك حول الأعراض ما بعد استئصال المرارة وطريقة التعامل معها، كما تجد الكثير من المعلومات المفيدة في المقالات الأخرى الخاصة بمشاكل المرارة في هذا الموقع.
يعاني بعض المرضى من أعراض هضمية في الفترة الأولى بعد عملية استئصال المرارة. تزول هذه الأعراض في معظم المرضى خلال أيام أو أسابيع بعد العملية ويشفى المريض بشكل كامل. ولكن في بعض المرضى يمكن أن تظهر بعض الأعراض الهضمية لدى المريض أو أن تبقى الأعراض التي كانت موجودة قبل العملية. قد تكون هذه الأعراض خفيفة لا تحتاج لأكثر من بعض التعديلات الغذائية، وقد تكون مزعجة وتحتاج إلى معالجة خاصة.
تنتج الأعراض التالية لاستئصال المرارة عن عدم تأقلم الجسم مع غياب المرارة. عند استئصال المرارة فإن العصارة الصفراوية تتدفق بشكل مستمر من الكبد إلى الأمعاء عوضاً عن أن يتم تخزينها في المرارة، ويؤدي ذلك إلى بعض الأعراض خلال الفترة الأولى بعد العملية. ومع الوقت تتوسع الأقنية الصفراوية التي تخرج من الكبد بحيث تتولى وظيفة تخزين العصارة الصفراوية، كما تتكيف الأمعاء مع الوضع الجديد.
وبذلك فإن الجسم يتأقلم بشكل سريع مع غياب المرارة وينتظم تدفق العصارة الصفراوية إلى الأمعاء في معظم المرضى بحيث تزول الأعراض تدريجياً. ولكن في بعض المرضى يتأخر هذا التأقلم مما يؤدي إلى حدوث أعراض مزعجة وبقائها. وفي بعض الحالات قد تكون الأعراض شديدة بحيث تستوجب معالجات معينة.
متلازمة ما بعد استئصال المرارة هي بقاء الأعراض الهضمية لدى المريض بعد انقضاء ثلاثة أشهر على عملية استئصال المرارة. يعاني المريض من مجموعة مختلفة من الأعراض تشمل الألم البطني أو الغثيان أو الإقياء أو الإسهال أو الانتفاخ في البطن. قد يشكو المريض من واحد فقط من هذه الأعراض، وقد تحدث لديه عدة أعراض معاً.
في معظم المرضى تتحسن الأعراض تدريجياً وتزول تماماً خلال سنة واحدة من إجراء العملية، ولا تحتاج لأكثر من الانتظار والالتزام بالحمية الغذائية المناسبة والمعالجة الدوائية المحددة من قبل الطبيب.
من الطبيعي أن يحدث بعض الألم البطني في الأيام الأولى بعد عملية استئصال المرارة بالمنظار حيث يستمر لعدة أيام، وينتج عادة عن الأسباب التالية:
يعتبر ألم البطن طبيعياً في الأيام الأولى بعد عملية المرارة للأسباب التي ذكرت في السؤال السابق. يتم التعامل مع الألم من خلال تناول مسكنات الألم بشكل منتظم حتى إذا لم يكن هناك ألم. وتتحسن الأعراض بشكل تدريجي خلال أيام، مع العلم بأن الآلام الخفيفة قد تبقى لأسبوعين أحياناً بعد العملية. إذا كان الألم شديداً أو ترافق مع أعراض أخرى مثل الإقياء أو الحمى فيجب حتماً استشارة الطبيب للتأكد من عدم وجود مضاعفات محتملة بعد العملية.
إذا بقي المريض يعاني من نفس الألم الذي كان موجوداً قبل العملية على الرغم من استئصال المرارة فيجب التفكير بوجود مشكلة أخرى مسؤولة عن الأعراض غير حصوات المرارة، ففي بعض المرضى تكون هناك حصوات في المرارة وتكون هناك أيضاً مشكلة هضمية أخرى تؤدي تقريباً إلى نفس الأعراض. ومن المشاكل الهضمية الشائعة نذكر مثلاً قرحة المعدة أو التهاب أسفل المري أو القولون العصبي.
في مثل هذه الحالات قد يتم استئصال المرارة وتبقى الأعراض موجودة بعد العملية نظراً لأن السبب المسؤول عنها ليس حصوات المرارة وإنما سبب آخر. وهنا يجب البحث عن السبب مجدداً وعلاجه بالشكل المناسب بالتنسيق مع الطبيب. وينصح بمتابعة هذه الحالات مع طبيب اختصاصي بأمراض الجهاز الهضمي لأن تشخيصها وعلاجها قد يحتاج إلى فترة طويلة من المتابعة.
حين يستمر الألم البطني لأكثر من ثلاثة أشهر بعد عملية المرارة فنقول بأن المريض يعاني من متلازمة ما بعد استئصال المرارة. وينتج الألم في هذه الحالات عن مجموعة معقدة من الأسباب منها:
يعاني بعض المرضى من انتفاخ البطن بعد الطعام والذي يستمر لعدة أشهر بعد عملية المرارة. وسبب حدوث الانتفاخ هو ببساطة سوء امتصاص الدهون. حين تكون المرارة موجودة في الجسم فهي تخزن العصارة الصفراوية بداخلها وتفرزها دفعة واحدة أثناء تناول الطعام. وتساعد الكمية الكبيرة من العصارة الصفراوية على هضم الدهون وامتصاصها من الأمعاء. أما عند استئصال المرارة فلا تتوفر كمية كافية من الخمائر الهاضمة للدهون مع الوجبات، مما يؤدي إلى تجمع الدهون داخل الأمعاء وحدوث الانتفاخ بعد الطعام. وكثيراً ما يترافق الانتفاخ أيضاً مع الإسهال في هؤلاء المرضى.
تقوم المرارة لدى الإنسان الطبيعي بتخزين العصارة الصفراوية خارج أوقات الوجبات، ولا تسمح بخروجها إلى الأمعاء إلا حين يتناول الإنسان الطعام، حيث تمتزج مع الطعام ولا تؤثر على الجهاز الهضمي. أما عند استئصال المرارة فإن العصارة الصفراوية تتدفق بشكل مستمر من الكبد إلى الأمعاء. وفي بعض المرضى يؤدي ذلك إلى بعض الاضطراب في وظيفة الأمعاء والمعدة مما يجعل هذه العصارة الصفراوية تعود باتجاه الأعلى من الأمعاء إلى المعدة عوضاً أن تتدفق نحو الأسفل باتجاه القولون. تدعى هذه الحالة بالقلس الصفراوي وهي مسؤولة عن حدوث أعراض المعدة بعد عملية المرارة. وتشمل هذه الأعراض الغثيان والإقياء والحرقة في أعلى المعدة، وأحياناً الألم في أعلى البطن وأسفل الصدر.
يعاني بعض المرضى من الإسهال بعد استئصال المرارة. وينتج الإسهال في هذه الحالة عن سببين:
يعاني بعض المرضى من الإمساك بعد استئصال المرارة. وينتج الإمساك في هذه الحالة عن سببين:
السبب في ذلك هو اختلاف طبيعة الجسم من إنسان لآخر واختلاف استجابة الجهاز الهضمي للوضع الجديد، حيث تدخل الكثير من العوامل المعقدة في هذا الموضوع.
على سبيل المثال إذا كانت كمية العصارة الصفراوية التي يفرزها الكبد كبيرة فإن ذلك سيؤدي إلى تخريش الأمعاء ولكنها لن تساعد على هضم الدهون مما يؤدي إلى حدوث الإسهال. أما إذا كانت العصارة الصفراوية كثيفة جداً وكميتها قليلة فإن ذلك سيؤدي إلى حدوث الإمساك.
حين تحدث أعراض هضمية شديدة في الأيام الأولى بعد العملية مثل ألم البطن أو الإقياء الشديد فيجب التنسيق مع الجراح للتأكد من عدم وجود مضاعفات محتملة للعملية. سيقوم الجراح بإعادة تصوير الإيكو وإجراء بعض الفحوص للتأكد من عدم وجود مضاعفات ناتجة عن العملية. وإذا كانت هناك أي مشكلة فسيتم التعامل معها بالشكل المناسب، وإلا تعطى المعالجة الدوائية اللازمة لتحسين الأعراض ريثما يتأقلم الجسم مع غياب المرارة.
إذا استمرت الأعراض لأكثر من ثلاثة أشهر بعد العملية فهنا نقول بأن المريض يعاني من متلازمة ما بعد عملية استئصال المرارة. وعليك أن تعرف أن هذه الحالات معقدة وذات أسباب متداخلة، ولذلك فإن التعامل معها يحتاج إلى بعض الصبر.
وفي هذه المرحلة أنصح دائماً بالتنسيق مع طبيب باطنية اختصاصي بأمراض الجهاز الهضمي، لأنه أكثر خبرة من الجراح في التعامل مع مثل هذه الحالات. وهنا قد يحتاج المريض أيضاً لفحوص أخرى حسب ما يرى الطبيب ثم يعطى المعالجة الدوائية المناسبة. كما قد يفيد التنسيق مع طبيب اختصاصي بالتغذية، وذلك لضبط النظام الغذائي لدى المريض بشكل جيد.
طبعاً وأنصحك بما يلي:
نعم. يفيد إعطاء الإنزيمات الصفراوية أو الخمائر الكبدية الهاضمة في تحسين الأعراض المذكورة أعلاه لدى معظم المرضى.
بالإضافة إلى المعالجة بالإنزيمات الصفراوية يمكن أيضاً استخدام الأدوية الشائعة لتخفيف الأعراض التي يعاني منها المريض إذا كانت الأعراض مزعجة. ويمكن استخدام عدة أدوية حسب نوعية الأعراض التي يشكو منها المريض، والتي تختلف بشكل كبير من إنسان لآخر. ولكن يجب أن يتم ذلك بإشراف الطبيب نظراً لإمكانية حدوث تأثيرات جانبية أو تداخلات دوائية:
تحتاج متلازمة ما بعد استئصال المرارة عادة إلى المتابعة الطويلة والمتكررة مع الطبيب. قد لا تتحسن الأعراض على الرغم من إعطاء العلاج، وهنا يتوجب المتابعة مع الطبيب مجدداً لتعديل الجرعات أو إضافة أدوية أخرى.
حتى لو لم تتحسن الأعراض لديك فلا تيأس وتابع مع الطبيب، فقد يقوم بإجراء عدة تعديلات في العلاج مع حذف أدوية معينة أو إضافة أدوية جديدة أو إعطاء جرعات علاجية مرتفعة عند اللزوم إلى أن تتم السيطرة على الأعراض. وقد يحتاج ذلك إلى عدة أشهر من المتابعة المستمرة والزيارات المتكررة والتعديلات المختلفة في جرعات العلاج. ولذلك يجب هنا عدم تغيير الأطباء بشكل متكرر والمتابعة مع طبيب خبير بحيث يقوم في كل مرة بإجراء التعديلات اللازمة والمناسبة لحالتك حتى السيطرة الكاملة على جميع الأعراض المزعجة.
أي عملية تحت التخدير العام يمكن أن تؤدي إلى التعب والإنهاك الشديد في الجسم. وذلك لأن التخدير والجراحة تشكل ضغطاً كبيراً على القلب والرئتين وأجهزة الجسم المختلفة، ومن الطبيعي أن يشعر المريض بالتعب خلال الأيام الأولى بعد العملية. يضاف إلى ذلك حالة الصيام في اليوم السابق وفي يوم العملية، والحمية التي يتبعها المريض في الأيام اللاحقة، مما يؤدي إلى نقص بسيط في التغذية ويساهم في حدوث التعب. ويتحسن هذا التعب خلال الأسابيع الأولى بعد العملية مع استئناف التغذية والفعاليات اليومية المعتادة.
إذا لم يتحسن التعب خلال 3-6 أشهر من العملية فقد يشير ذلك إلى حالة نقص في الفيتامينات بعد استئصال المرارة، أو ربما إلى سبب آخر غير مشخص ليس له علاقة بالمرارة، مثل أمراض الغدة الدرقية أو أمراض القلب لدى المسنين.
بعد استئصال المرارة لا يعود تخزين العصارة الصفراوية فيها ممكناً، وبالتالي تتدفق العصارة الصفراوية من الكبد إلى الأمعاء بشكل متواصل خارج أوقات الوجبات. يؤدي ذلك إلى تأثيرين:
أشيع الفيتامينات انخفاضاً بعد عملية المرارة هو فيتامين D، وعادة ما يكون هناك انخفاض في فيتامينات أخرى أيضاً. ولذلك فإن الأعراض التي يشكو منها المريض هي عادة أعراض عامة تشمل التعب والإنهاك والنوم لفترات طويلة والتعب السريع لدى بذل أي مجهود.
لا تحدث هذه المشكلة إلا لدى نسبة قليلة من المرضى، وتبقى الفيتامينات طبيعية لدى معظم المرضى. ولذلك لا ضرورة لإجراء أي فحوص أو تناول أي أدوية إذا لم يكن المريض يعاني من أعراض نقص الفيتامينات. وفي حال الاشتباه ينصح بإجراء الفحوص الدموية اللازمة لتأكيد النقص بشكل أكيد وتحديد العلاج اللازم.
يعتمد العلاج على ثلاثة أشياء: