الكاتب: د. فراس الصفدي - آخر تعديل: 2019-12-16
أرحب بك أختي الكريمة في موقعي الإلكتروني! أنا الدكتور فراس الصفدي ويسرني أن أقدم لك في هذه المقالة خبرتي الشخصية في تشخيص وعلاج خراج الثدي من خلال الحالات التي قمت بعلاجها والعمليات الجراحية التي قمت بإجرائها للمريضات اللواتي لديهن خراج في الثدي.
خراج الثدي هو الدرجة المتقدمة من التهاب الثدي الحاد، وذلك حين يتطور الالتهاب الجرثومي موضعياً ويؤدي إلى تشكل تجمع قيحي بداخل الثدي. وأكثر ما يشاهد خراج الثدي لدى المرضعات بسبب تشققات الحلمة ودخول الجراثيم من فم الرضيع. على الرغم من ذلك فإن هذا المرض يمكن أن يشاهد كذلك لدى غير المرضع. ويعتبر هذا المرض غير خطير في حال تمت معالجته باكراً.
يشكل الألم الحاد والمتزايد في الثدي العرض الأهم لخراج الثدي، وهو يترافق مع أعراض موضعية وأعراض عامة. تشمل الأعراض الموضعية تورم الثدي العام أو حدوث انتفاخ موضعي في منطقة معينة من الثدي، بالإضافة إلى الاحمرار والشعور بالثقل. أما الأعراض العامة فهي تنتج عن الحالة الالتهابية، حيث تشمل ارتفاع الحرارة والتعب العام والآلام العضلية في الحالات الشديدة. ويحتاج تشخيص خراج الثدي وتمييزه عن التهابات الثدي الحادة إلى تصوير الثدي بالإيكو لرؤية الخراج الداخلي.
يحتاج خراج الثدي إلى العلاج دوماً. في معظم الحالات يحتاج العلاج إلى فتح الخراج جراحياً، وهي عملية جراحية بسيطة تجرى تحت التخدير الكامل. يتم إجراء شق في الثدي لفتح الخراج وغسيله وتنظيفه، ولا حاجة لإعطاء المضادات الحيوية بعد العملية عادة. وفي الخراجات الداخلية الصغيرة يمكن اللجوء إلى سحب محتويات الخراج بواسطة الإبرة مع العلاج بالمضادات الحيوية. ويتم مراقبة تطور الحالة وتكرار السحب عند اللزوم إلى أن يشفى الخراج.
يمكنك العثور أدناه على إجابات مفصلة على معظم الأسئلة التي قد تخطر ببالك حول خراج الثدي بالنسبة للأعراض والتشخيص والعلاج.
خراج الثدي هو تشكل خراج داخلي في نسيج الثدي. والخراج هو عبارة عن كيس مملوء بالقيح أو الصديد يحدث بسبب التهاب جرثومي شديد، مما يؤدي إلى تخرب الأنسجة موضعياً وتشكل جوف مملوء بالسوائل الالتهابية ومنتجات تفكك الخلايا والجراثيم.
تقيح الثدي هو مصطلح آخر لوصف خراج الثدي، فهي نفس الحالة المرضية. حيث يتشكل القيح أو الصديد بداخل الثدي ويؤدي إلى تشكل الخراج. والقيح هو سائل لزج وعكر وكريه الرائحة يتراوح لونه من الأبيض إلى الأصفر وحتى البني. وهو يشير إلى وجود حالة التهابية شديدة.
خراج الثدي هو الدرجة المتقدمة من التهاب الثدي الحاد. يبدأ الالتهاب بدخول الجراثيم إلى نسيج الثدي. تصل الجراثيم إلى الثدي غالباً عن طريق الحلمة. وأشيع ما يشاهد ذلك لدى المرضعات، حيث تأتي الجراثيم من فم الطفل عند الرضاعة وتصل إلى داخل الثدي عبر تشققات الحلمة مما يؤدي إلى حدوث الالتهاب الداخلي. يتطور الالتهاب تدريجياً في حال عدم علاجه مما يؤدي إلى تشكل الخراج.
على الرغم من أن خراج الثدي يحدث غالباً لدى المرضعات بسبب وصول الجراثيم من فم الطفل، إلا أن خراج الثدي يمكن أن يحدث أيضاً لدى النساء غير المرضعات. والسبب في هذه الحالة هو أيضاً وصول الجراثيم إلى داخل الثدي. وتأتي الجراثيم في هذه الحالة إما عبر الجلد بسبب وجود جفاف أو تشقق في جلد الحلمة واللعوة مثلاً، أو بسبب وجود حالة التهابية سابقة في الثدي، كأن تعاني المريضة من التهاب في الأقنية اللبنية، وخصوصاً لدى النساء المدخنات. وفي كثير من الحالات يكون هذا الالتهاب السابق غير مشخص أو غير معروف من قبل المريضة، ويتطور خراج الثدي بشكل مفاجئ بدون وجود سبب واضح.
لا يعتبر خراج الثدي من الأمراض الخطيرة، وهذا المرض قابل للعلاج في حال تم تداركه باكراً وتطبيق المعالجة المناسبة. ولكن في حال إهمال المرض فهو سيؤدي إلى انتشار الالتهاب في كامل نسيج الثدي وبالتالي إلى تخرب الثدي بشكل كامل، والذي قد يحتاج إلى استئصال الثدي.
لا يعتبر خراج الثدي من أسباب سرطان الثدي، فهو عبارة عن حالة التهابية حادة في نسيج الثدي ناتجة عن الإصابة بالجراثيم. ولا يؤدي خراج الثدي إلى تبدلات خبيثة في الثدي.
من الناحية النظرية هذا الأمر ممكن في حالات نادرة جداً، ولكنني شخصياً لم أشاهد أي حالة من هذا النوع. في جميع الحالات تقريباً لا يكون خراج الثدي مترافقاً مع وجود السرطان. وحين يحدث خراج الثدي مثلاً لدى سيدة مرضع في العشرينات أو الثلاثينات من العمر فهنا يكون السبب واضح ومن غير الوارد أن تكون المريضة تعاني من السرطان. وبذلك لا يمكن أن نقول بأن خراج الثدي عموماً هو من أعراض سرطان الثدي. ولكن إذا حدث خراج الثدي مثلاً لدى سيدة في الأربعينات أو الخمسينات من العمر بدون سبب واضح فهنا يجب إجراء الفحوص اللازمة للتأكد من عدم وجود ورم غير مشخص في الثدي.
طبعاً. يعتبر خراج الثدي مؤلماً للغاية، حيث يبدأ الألم مع حدوث الالتهاب ويتطور تدريجياً مع الوقت ليصبح شديداً جداً. والسبب في حدوث الألم هو أن الخراج يمتلئ بالقيح وينتفخ كالبالون مما يؤدي إلى الضغط على الأنسجة والأعصاب الحساسة داخل الثدي، وبالتالي حدوث الألم الشديد. ولا يمكن أن يكون هناك خراج في الثدي بدون وجود الألم في الثدي.
تقسم أعراض خراج الثدي إلى أعراض موضعية وأعراض عامة:
إذا كانت هناك حالة التهابية في الثدي فإن العلامات التالية ترجح أن المريضة تعاني من خراج في الثدي وليس مجرد التهاب بسيط:
ليس بالضرورة. إن السبب الأشيع لخروج القيح من حلمة الثدي هو التهاب القنوات اللبنية، وهي حالة التهابية مزمنة تحدث عادة لدى غير المرضعات. ونادراً ما يؤدي خراج الثدي إلى خروج القيح من الحلمة، فالصديد يخرج في هذه الحالة من نسيج الثدي نفسه عبر الجلد وليس عبر القنوات اللبنية.
ليس بالضرورة. يشير احمرار الثدي إلى وجود التهاب حاد في الثدي. والالتهاب الحاد قد يكون لا يزال في مرحلة مبكرة بدون تطور خراج داخل الثدي. كما يحدث الاحمرار أحياناً في حالات احتقان الثدي الناتجة عن أسباب هرمونية.
ليس بالضرورة. هناك قائمة طويلة من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى ألم الثدي، ووجود الألم في الثدي لا يعني أن لديك خراج.
في حالات معينة يمكن للطبيب تشخيص خراج الثدي مباشرة بناءً على الفحص، وذلك حين تكون الأعراض والعلامات نموذجية ويكون الخراج سطحياً ومرئياً على الثدي. ولكن في حالات أخرى قد يكون خراج الثدي الداخلي عميقاً ولا تكون الأعراض والعلامات نموذجية، ولا يمكن التمييز بشكل قاطع بين التهاب الثدي الحاد وبين خراج الثدي. وفي هذه الحالة يتوجب حتماً تصوير الثدي بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو أو السونار) للحصول على التشخيص النهائي.
إن خراج الثدي هو عبارة عن جوف مملوء بالقيح، والذي يمكن أن يشاهد بسهولة بواسطة السونار. إذا أظهر التصوير وجود جوف مملوء بالسوائل بداخل الثدي فإن ذلك يؤكد تشخيص الخراج. أما في حالات التهاب الثدي الحاد فلا يظهر مثل هذا الجوف وإنما تكون هناك فقط وذمة في الأنسجة. وبالتالي إذا أظهر الإيكو عدم وجود جوف واضح فهذا يعني أن المريضة لا تعاني من خراج في الثدي.
لا يمكن أن يشفى خراج الثدي لوحده فهو الة التهابية حادة تحتاج إلى العلاج. وفي حال إهمال الخراج وعدم علاجه فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى انتشار الالتهاب في الثدي وتخربه بشكل كامل، أو إلى تحول الحالة إلى التهاب الثدي المزمن الذي يستمر لأشهر أو سنوات ويستوجب في النهاية استئصال الثدي، أو إلى انتشار الالتهاب في الجسم وحدوث تسمم عام ومضاعفات خطيرة. ولذلك فإن خراج الثدي هو من الحالات التي تحتاج إلى المعالجة العاجلة.
إن التفريغ الجراحي هو العلاج الأساسي لخراج الثدي الداخلي. حيث يعتمد العلاج على إفراغ القيح المتجمع بداخل الثدي والسماح له بالخروج، وذلك عن طريق الفتح الجراحي للخراج.
تجرى العملية عادة تحت التخدير الكامل، حيث يقوم الجراح بإجراء شق جراحي فوق منطقة الخراج. يتفاوت طول الشق الجراحي حسب حجم الخراج وعمقه. وسيقوم الجراح عادة بإجراء أصغر شق جراحي يمكن من خلاله تفريغ القيح وتنظيف الثدي. بعد إفراغ القيح يتم غسيل الجوف الداخلي بشكل جيد بواسطة المحاليل المعقمة. وبعد ذلك يضع الجراح أنبوباً بداخل هذا الجوف (مفجر أو درنقة) لتصريف السوائل ويقوم بخياطة الجرح. يبقى الأنبوب لعدة أيام بعد العملية إلى أن يتوقف خروج السوائل عبره ثم يمكن سحبه.
عادة لا، وذلك لأن الخراج مؤلم للغاية ولا يمكن تخدير الثدي موضعياً بوجود الالتهاب الشديد. فضلاً عن ذلك فإن العملية تستوجب تنظيف خراج الثدي بشكل جيد وغسيل الجوف المتشكل، الأمر غير الممكن في الخراجات الكبيرة.
طالما تم تفريغ القيح بشكل جيد فلا يوجد عادة أي حاجة لإعطاء المضادات الحيوية بعد العملية، فالعلاج يعتمد على تفريغ القيح من داخل الثدي. ويكفي التفريغ الجراحي بدون أي حاجة للمضادات الحيوية.
نعم يمكن في حالات خاصة. حين يكون الخراج عميقاً وصغير الحجم، ولا يؤدي إلى أعراض عامة لدى المريضة، ولا تكون الآلام الناتجة عنه شديدة، فيمكن في هذه الحالة اللجوء إلى سحب محتويات الخراج بواسطة الإبرة. ويحتاج تطبيق هذه الطريقة إلى توفر الخبرة الكافية لدى الطبيب المعالج. حيث ينبغي أن يكون الطبيب قادراً على تحديد الحالات التي ستحتاج إلى الفتح الجراحي والحالات التي يمكن علاجها بدون جراحة.
في هذه الحالة يتم إدخال إبرة سميكة في الخراج وسحب القيح المتجمع داخل الخراج. يتم إرسال عينة من القيح إلى المختبر لتحليلها وتحديد الجراثيم المسؤولة عن الالتهاب. ويتم البدء بإعطاء العلاج بالمضادات الحيوية.
بعد ذلك يتم مراقبة تطور الأعراض تحت العلاج. ويتم بعد بضعة أيام إعادة التصوير مرة أخرى لمراقبة تطور الخراج وكمية السوائل بداخله. إذا عاد الصديد للتجمع فيتم سحبه مجدداً. ويمكن تكرار عملية السحب لعدة مرات حتى حدوث الشفاء.
في كثير من الحالات يمكن علاج خراجات الثدي الصغيرة بهذه الطريقة. ولكن في حالات أخرى لا تستجيب الحالة الالتهابية للعلاج وتحتاج في النهاية إلى الشق الجراحي لتنظيف الخراج بشكل جيد من الداخل. ولذلك يجب متابعة هذه الحالات عن كثب بالتنسيق مع الطبيب.
في الواقع لا يمكن علاج خراج الثدي بالمضادات الحيوية، وإنما يحتاج العلاج حتماً إلى تفريغ القيح من الثدي. حين يتم تفريغ القيح من خلال الشق الجراحي فلا حاجة عادة لإعطاء المضادات الحيوية بعد العملية. أما عند سحب القيح بواسطة الإبرة فتعطى عادة المضادات الحيوية كجزء من العلاج ريثما يشفى الخراج. وإن المضادات الحيوية الأفضل تأثيراً في هذه الحالات هي مركبات البنسلين ومشتقاتها.
لا يمكن علاج خراج الثدي بالأعشاب أو بالعسل أو ما شابه من المعالجات البديلة، فالخراج هو حالة التهابية شديدة ناتجة عن وجود الجراثيم وتستوجب إفراغ القيح من الثدي. وبدون إخراج القيح لن تشفى الحالة وإنما سوف تتطور للأسوأ.
إذا كان مكان الشق الجراحي يسمح بإرضاع الطفل بدون أن يكون ذلك مزعجاً لك فيسمح بالإرضاع بشكل طبيعي بعدعملية خراج الثدي. ولا يؤثر ذلك على الطفل.
يحتاج الشفاء من الحالة الحادة عادة إلى أسبوع أو أسبوعين، وهي الفترة اللازمة لزوال الأعراض الالتهابية مثل الألم والاحمرار والوذمة في الثدي. ولكن بسبب الالتهاب الداخلي الشديد فإن نسيج الثدي قد يحتاج إلى عدة أشهر حتى يعود إلى طبيعته.
هذا الأمر طبيعي وسببه الالتهاب الداخلي الشديد الذي يؤدي إلى تليف في الأنسجة. تبقى الصلابة والقساوة لعدة أسابيع أو أشهر بعد العملية وحتى بعد شفاء الالتهاب. ولا يشير ذلك بالضرورة إلى بقاء المشكلة. وتحدث التبدلات ببطء في أنسجة الثدي حيث تعود إلى طبيعتها خلال عدة أشهر، وفي النهاية تستعيد الأنسجة القوام الطري الطبيعي للثدي. وبطبيعة الحال ينبغي دائماً المتابعة المتكررة والدورية مع الطبيب للتأكد من أن الشفاء يسير بشكل طبيعي ومن عدم وجود تجمع للسوائل داخل الجرح.
إن تكرار خراج الثدي هو أمر وارد، فالمنطقة التي تعرضت للالتهاب من الثدي قد تصبح نقطة ضعف مناعية في نسيج الثدي. ولذلك فإن السيدة التي أصيبت بخراج الثدي خلال الإرضاع ستكون معرضة لتكرر المشكلة مرة أخرى حتى بعد الولادات المستقبلية.
إذا حدث لديك سابقاً خراج في الثدي فإن الإجراءات التالية يمكن أن تساعد في الوقاية من تكرر المشكلة: